البنك المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات
أعلن البنك المركزي المصري، في ثاني اجتماع للجنة السياسة النقدية هذا العام، خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، في خطوة جاءت متوافقة مع توقعات الأسواق وخبراء الاقتصاد.
المستويات الجديدة لأسعار الفائدة
ووفقًا للبيان الصادر عقب الاجتماع، تم خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية إلى 25% و26% و25.5% على التوالي، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم إلى 25.5%.
دعم السياسة النقدية وترسيخ التوقعات
وأوضح المركزي أن هذا القرار يستهدف دعم استقرار السياسة النقدية وتعزيز المسار النزولي للتضخم، الذي بدأ منذ مطلع العام في العودة إلى معدلاته التاريخية المعتادة، مما يعكس تحسنًا في التوقعات المستقبلية.
توقعات التضخم والمخاطر المحتملة
وتوقع البنك أن يستمر معدل التضخم في التراجع خلال عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من العام الحالي. لكنه حذر في الوقت نفسه من مخاطر تضخمية محتملة، قد تنجم عن تجاوز تأثيرات إجراءات ضبط المالية العامة للمتوقع، بالإضافة إلى استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتصعيد المحتمل في الأوضاع الجيوسياسية الإقليمية.
توقعات السوق ودعم بنوك الاستثمار
وجاء هذا الخفض متماشياً مع توقعات 11 بنكاً استثمارياً، رجحت أن يقدم المركزي المصري على هذه الخطوة استناداً إلى التراجع الواضح في معدل التضخم، رغم استمرار حالة الحذر في الأسواق العالمية نتيجة التطورات التجارية والرسوم الجمركية الأميركية.
سلسلة من قرارات التشديد السابقة
وكان آخر خفض لأسعار الفائدة قد جرى في 12 نوفمبر 2020 بنسبة 0.5%، قبل أن يدخل المركزي في دورة تشديد قوية رفعت الفائدة بإجمالي 1900 نقطة أساس بين مارس 2022 ومارس 2024. وخلال العام الماضي، عقد المركزي 8 اجتماعات، أبقى في 6 منها على أسعار الفائدة دون تغيير، عقب رفعها في فبراير ومارس بمجموع 800 نقطة أساس.
استهداف تضخم طويل الأجل
وفي ديسمبر الماضي، قرر المركزي تمديد الأفق الزمني لتحقيق مستهدفات التضخم إلى الربع الأخير من عامي 2026 و2028، ليستهدف معدلات تضخم عند 7% و5% على التوالي (بزيادة أو نقصان 2%)، ضمن توجهه نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
ارتفاع الفائدة الحقيقية كدافع للقرار
ويرى محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في “إي إف جي القابضة”، أن هذا التيسير النقدي جاء نتيجة لارتفاع الفائدة الحقيقية – أي الفرق بين الفائدة الاسمية ومعدل التضخم – في ظل الضغوط العالمية على التجارة والاقتصاد. وأشارت المحللة الاقتصادية إسراء أحمد، من شركة “الأهلي فاروس”، إلى أن تباطؤ التضخم ساهم في توسيع الفارق الإيجابي للفائدة الحقيقية، مدفوعاً بتأثير سنة الأساس.
تباطؤ التضخم وارتفاع الفائدة الحقيقية
وسجل معدل التضخم في المدن المصرية انخفاضاً حاداً من 24% في يناير إلى 12.8% في فبراير، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 13.6% في مارس، ليبلغ سعر الفائدة الحقيقي بعد قرار اليوم نحو 11.75%.
زيادات الوقود تضيف ضغوطاً تضخمية
ورغم التراجع، فقد تتأثر معدلات التضخم في الفترة المقبلة بارتفاع أسعار الوقود، بعد أن قررت الحكومة رفع أسعار البنزين والسولار للمرة الثانية في أقل من ستة أشهر، ما يُتوقع أن يوفر نحو 35 مليار جنيه في ميزانية العام المالي 2024-2025.
التطورات العالمية تلقي بظلالها
وتأتي هذه التطورات وسط اضطرابات في الأسواق العالمية، عقب فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية شاملة بلغت حدها الأدنى 10% على الواردات من مصر، ضمن حزمة واسعة طالت شركاء تجاريين عالميين. وفي تحرك لاحق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق الرسوم المرتفعة لمدة 90 يوماً، مع الإبقاء على رسوم الصين عند 125%، بعد تصاعد المخاوف من التأثيرات السلبية على التضخم والنمو الاقتصادي العالمي.
إرسال التعليق